روائع مختارة | روضة الدعاة | زاد الدعاة | قواعد الدعوة إلى الله

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > روضة الدعاة > زاد الدعاة > قواعد الدعوة إلى الله


  قواعد الدعوة إلى الله
     عدد مرات المشاهدة: 3107        عدد مرات الإرسال: 0

فإن الدعوة إلى الله تعالى من أشرف الأعمال وأرفع العبادات، وهي أخص خصائص الرسل الكرام، وأبرز مهام الأولياء والأصفياء من عباده الصالحين.

ولا يصبح المرء داعية إلى فكرة من الأفكار إلا بعد أن يتحقق إنتسابه إليها وتفاعله مع قضاياها، وصاحب الدعوة يعيش بها وتعيش به، وتحسب عليه كما يحسب عليها.

ولقد شاء الله تعالى أن تشق دعوة السلام طريقها في التاريخ الحديث في جميع بلاد العالم، وأصبح لها في كل قطر لسان ينطق بها ويعبر عنها.

ودخلت الدعوة إلى قطاعات المجتمع المختلفة، ولم تعد الدعوة حكراً على الموظفين الرسميين أو على من يطلق عليهم أرباب الشعائر الدينية، بل شارك فيها الرجال والنساء والصغار والكبار، والمشتغلون بالتخصصات العلمية والإنسانية، وهذا المد الذي نجده في جامعات العالم الإسلامي أصبح بناءَ عضوياً أصيلاً في بنية هذه الجامعات، بل في الجامعات الغربية كذلك.

وهذا التقدم الذي أحرزته دعوة الإسلام لم يخل من مصاعب وعقبات داخلية وخارجية، أذكر منها:

1)= قلة المربين والموجهين الأكفاء بالنسبة إلى حجم الإقبال الكبير، ولعل هذه الظاهرة من أخطر الأمور التي تحتاج إلى علاج، لأن قطاعات كبيرة من الناس تعيش خارج المحاضن الملائمة، مما ينعكس على تكوينها وبناءها، وكثيراً ما يندب بعض غير المؤهلين أنفسهم لدور التربية والتكوين وإعطاء الآراء في أخطر المسائل وأعوصها لخلو الميدان من المؤهلين لذلك.

2)= النقص في البرامج التي تعد الداعية والموجه إعداداً وفق مستويات مختلفة لتلائم حاجات متنوعة، ويبدو أن النقص أظهر ما يكون في مجال التأصيل والتقعيد، وأصبح من الأمور الملحة أن تتلقى الدعوة على شكل تصور متكامل من البداية إلى النهاية، مع إستيعاب كلياتها ومعرفة الأوليات فيها.

3)= تأخر سن العطاء: إذ إن الزمن الذي ينفق قبل أن يصل الفرد إلى مرحلة التأثير هو زمن طويل، ومنشأ ذلك إنتشار المعارف والمعلومات وإتساع القراءات والتجارب، ولعل التأصيل هو أحد العوامل المساعدة على الإسراع في الوصول إلى مرحلة العطاء والإنجاز وبمعرفة القواعد الضابطة نستغني عن كثير من الفروع، ونستطيع الموائمة بين إتساع حقول العمل الدعوي وقصر الزمن المحدد للتكوين.

4)= الجهود المعادية لخط الدعوة، وهي جهود متنوعة ذات إمكانات كبيرة، ولها خبرات واسعة في الصد عن سبيل الله، وبالرغم من الخلافات الحادة بين الشيوعية والرأسمالية وبين الوجودية والقومية، وبين عملاء الشرق وعملاء الغرب، إلا أن الجميع يلتقون على حرب الإسلام ودعوته، وهذه الجهود تلقي عبئاً كبيراً على دعاة الإسلام الذين عليهم أن يدركوا مخططات أعدائهم وأن يصونوا الناس من شرور هؤلاء الأعداء بأسلوب الوقاية والعلاج.

5)= وإن مغريات الحياة ومشاغلها وتعقيداتها تقف عقبة في طريق الدعوة والدعاة: ولا بد أن يفهم الدعاة حركة الحياة والأحياء، وأن يلموا بالنفس البشرية وطرق التأثير فيها، ووسائل تزكيتها، ولعل من المظاهر الملفتة للنظر تقدم الدعوة في صفوف الأغنياء وأولئك الذين عاشوا في غمار الحضارة الغربية وتعرضوا لمغريات الجاهلية الحديثة، وهذه الظواهر تساعد على تكوين مناعات ودفاعات أمام المغريات.

6)= ويجد الداعية نفسه أمام تيارات فكرية، تتحرك وتنقلب بسرعة هائلة، وتصل إلى الإنسان أينما كان.

وبناءً عليه فإن الداعية مطالب بالوقوف في وجه هذه التيارات الفكرية، وأن يكون وقوفه أمامها قائماً على العلم والموضوعية.

هذه الأعباء وغيرها تلح علينا لنقل الدعوة من ميدان المشاعر والإنفعالات والخطب والمقالات إلى ميدان التخطيط والتنظيم والبرمجة والتأهيل والتقعيد.

وليس غريباً أن تبرز هذه الحاجات في هذه الآونة لأن الدعوة إتسعت وتشعبت وكثرت ممارساتها وتجاربها وأساليبها، وهذا الاتساع والتشعب لا يضبط إلا بالكشف عن الأصول والقواعد.

وليس أمر الدعوة بدعاً من أمور العلوم الإسلامية الأخرى، فقد تناول المسلمون حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بالرواية والدراية حتى وجدوا أنفسهم بحاجة إلى علم الحديث ومصطلحه، وكذلك الحال في النحو والصرف والعقيدة والتفسير والتاريخ والفقه، فإن أصول العلوم وقواعدها جاءت في مرحلة متأخرة عنها.

وفي الوقت الذي إتجهت فيه العلوم إلى التأصيل والتقعيد كان علم الدعوة أقوالاً مأثورة وشذرات منثورة، ولم يكن علماً بالمعني الإصطلاحي للعلم، لأن مبعث العلم الحاجة إليه، ولم يكن المجتمع الإسلامي مهجوراً أو غريباً، وإنما كان قائماً فاعلاً ناشطاً، وأكثر أفراده يمارسون الدعوة كما يعيشون وكما يأكلون ويشربون.

وعندما دالت دولة الإسلام ونفضت عرى الإيمان، وجد المسلم نفسه غريباً في المجتمع، ورجعت أمية العقيدة والفكر والنظم كما كانت في عهد الجاهلية الأولى، فأخذ بعض الدعاة على عاتقهم إعادة التأسيس وشرعوا في تهيئة المكان والسكان لإستئناف الحياة الإسلامية، ودب الأمل بعد اليأس، وانطلق الدعاة شرقاً وغرباً، ودرس العلماء هذه التجارب وكشفوا عن جوانبها الإيجابية والسلبية.

وبالرغم من النتائج الإيجابية التي حققتها الدعوة إلى في جميع الأقطار، إلا أنها -وكما سبق وأن أشرت- بحاجة إلى مزيد من توظيف الطاقات والإمكانات، وحشد كل الجهود في سبيل البناء، ولا نصل إلى هذا التوظيف إلا بإعداد الأفراد للعطاء على مستويات متفاوتة، وأن يكون لكل وظيفة من وظائف الدعوة إعدادها الخاص وزمنها المناسب، ولا يتحقق هذا إلا عن طريق نظام تربوي محدد الخطوات، يعتمد القواعد والأطر العامة ودون الخوض في الكثير من الدقائق والتفاصيل، ويقدم للداعية خلاصة مركزة في التربية والتكوين والقيادة والتنظيم والتخطيط والمتابعة.

الكاتب: د. همام عبد الرحيم سعيد.

المصدر: موقع لها أون لاين.